عندما يموت الضمير ويخرس صوت الحق .وتصطدم الأخلاق بالواقع ,وتنهار المبادئ على أرصفة الحاجة ويرتدي الصفاء ثوب الهزيمة وتسقط القدوة أمام واقع هش مدمر ,ويضيع الحضن الدافئ في محيط لا يعترف بالأصول ولا بحقوق الطفولة ,في بيئة منهارة الأركان ...
عندما تنصاع النفوس الضعيفة وراء غرائزها وشهواتها...
وتمتثل لنداء الشيطان محلقة في سماء الضياع وحياة البؤس والخنوع ...
ثمة فتاة في مقتبل عمرها صبية نضرة واجهت موقفا ماكان لأحد أن يتقبله أو يستسيغه لكنه حدث فعلا وواقع معاش لفئة من الناس فقدوا آدميتهم وأضاعوا إنسانيتهم في سبيل .....ماذا ...؟؟
في أحد الأيام استفاقت شيماء وهي الفتاة العفيفة المطيعة ,ذات الرابعة عشرة من عمرها , على صوت أبيها وهو يزمجر ويزبد ويتوعد...
-هيا أسرعي, لم يعد من الوقت ما يكفي للانتظار, هيا أسرعي الخطى.........
نظرت إليه في ذهول واستغراب وهي التي لاتعلم من أمور الحياة سوى اللعب والمرح مع بنات جيلها..
تتساءل عن سبب صراخ أبيها الذي لطالما شاهدته وهو فاقد الوعي متسامرا مع أصحابه غير آبه بما يجري,لا يعي ما يقول ولا يعرف أين هو ؟ .
هذا يريد ملبسا, وذاك يرد حذاء, وتلك تريد علاجا, وذاك وتلك يعيشون بين المطرقة والسندان, يوم حلو, وآخر مر..
بل وقد تمضي بهم أيام وهم على نفس حالهم يقترضون من هذا ويسألون ذاك...لكن الى متى يظل هذا الحال؟؟؟؟
أفكار وأسئلة عديدة تدور في خلد هذه الصبية المسكينة والوقت يسرع واللحظات تمضي تباعا ..ووالدها يزمجر ويتوعد ..لكن علام؟ ولم كل هذا الصراخ ؟؟
فجأة وقف بهما المسير على بيت مهترىءالجدران ,بعيد تماما عن المناطق الآهلة بالسكان ..في زاوية من زواياه سمعت أصوات سكارى يقهقهون وأحيانا يتصايحون ..دخلت شيماء ووالدها ممسكا يدها وحالته يرثى لها قائلا لهم ؟ خذوا ابنتي هذه رهينة لديكم مقابل منحي قطعة من الشيرا ..
أجابه أحدهم بسخرية:نحن لسنا بحاجة لابنتك ,نحن نريد المال ,إذا توفر لديك المال ,أعطيناك ما تريد ,أما وليس لديك شيء فانك لا تعنينا .
رد عليهم وهو حزين ويائس:أرجوكم أتوسل إليكم, امنحوني ولو شيئا بسيطا, إني في حالة مزرية وقد تفشى في داء الإدمان وليس لي منه مفر.
أجابوه بتهكم :ها..ها..ها تقدم سنساعدك في هذه المرة لكن تذكر بأنه دين في عنقك في المرة المقبلة.وقعت هذه الكلمات كالصاعقة على أذن شيماء, ساعتها وعت ما حل بها وأخذت تصرخ, تستغيث, ولكن ممن ؟ اذاكان الأب الذي يملك زمام الأمر وهو الذي عليه يرتكز عماد الأسرة وهو شرفها , صار يبيع فلذة كبده بأبخس الأثمان وأرذلها ؟ !!!
اذا عميت بصيرته فممن تطلب الامان ؟؟
وإذا ماتت الغيرة والرحمة
في قلبه فممن تطلب الرحمة والحنان .ماذا جنت هذه العفيفة الطاهرة ؟؟حتى تؤدي ثمن استهتار والدها واستسلامه لأصحاب السوء والسم القاتل ؟
ما ذنبها ؟؟
إذا كان الراعي غير أمين وغير جدير بالأمانة , فممن تنتظر الأمان ؟؟؟؟
ماذا بقي لها ؟ وعلام تبكي ؟؟على أب يبيع فلذة كبده ثمنا زهدا لأشباه بشر ؟؟أم على أب فقد آدميته وإنسانيته وصار عبدا للإدمان ...؟؟؟أين هو من قول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام : "كلكم راع , وكلكم مسؤول عن رعيته "...
ومن قوله تعالى:"وقفوهم انهم مسئولون .."
لك الله ومعك الله يا طفولة الزمن الصعب !!!!!!؟
اين حلق الضمير يا ترى؟